تضامن تعد دراسة بعنوان: العنف في مكان وبيئة العمل وأنظمة الدعم المتوفّرة من خلال تدخّلات مؤسسات المجتمع المدني

351

 

 دراسة بعنوان: العنف في مكان وبيئة العمل وأنظمة الدعم المتوفّرة من خلال تدخّلات مؤسسات المجتمع المدني

الدراسة في إطار 

مشروع "مسارات آمنة" – سياسات لمناهضة العنف في بيئة وعالم العمل

 الذي تنفذه جمعية معهد تضامن النساء الأردني

 بدعم من الصندوق الأفريقي لتنمية المرأة AWDF

إعداد الدراسة: رانيا السويطي

 

الملخّص التنفيذي (باللغة العربية)

 

 

 

يتمحور الهدف العام من الدراسة حول التعرّف على العنف الواقع على النساء في مكان وبيئة العنف وأنظمة الدعم المتاحة من قبل منظّمات المجتمع المدني والجمعيّات المحلية في المناطق المستهدفة من المشروع في كل من المحافظات الثلاثة (عمان، الزرقاء وإربد)، بالإضافة إلى مدى تلبيتها لاحتياجات النساء العاملات من وجهة نظر تلك المؤسسات.

ولتحقيق الهدف العام من الدرسة والوصول إلى المخرجات المتوقّعة، فقد تم تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسية: 

المحور الأول:      النساء العاملات في القطاع  غير المنظّم، وهنا تم استهداف النساء العاملات في قطاع الزراعة، حيث أن هذا القطاع يقوم بتشغيل نسبة كبيرة من النساء. 

المحور الثاني:     النساء العاملات في القطاع  المنظّم، حيث تم اختيار القطاع الصناعي والذي يقوم يتشغيل النسبة الأكبر من النساء العاملات وبالأخص في قطاعي الحياكة والتصنيع الغذائي.

المحور الثالث:      مؤسسات المجتمع المدني العاملة مع الفئة النسوية، وذلك من أجل التعرّف على الواقع الحالي  للخدمات المقدّمة من قبل منظّمات المجتمع المدني ومدى تلبيتها لاحتياجات الفئات المستهدفة من وجهة نظر تلك المؤسسات.

وهنا تمّ اتباع منهجيّة متكاملة تجمع ما بين مراجعة الأدبيّات والبحث الكمّي والنوعي، حيث تمّ إجراء بحث مكتبي حول عمل المرأة في القطاعين المنظّم وغير المنظّم،لتصميم أدوات البحث والمتضمنةاستبيان خاص للعاملات وآخر إلكتروني خاص بمؤسسات المجتمع المدني. كما وتمّت مراجعة هذين الاستبيانين من قبل لجنة تحكيم تضم عدة أكاديميات وممثلين من جمعيّة معهد تضامن النساء الأردني، وأيضاً تمّ اختبار الاستبيانين قبل البدء بالعمل وقياس معامل الثبات (ألفا كرونباخ) وكانت القيمة (0.78) حيث دلّت القيمة على مدى الصدق والثبات في هذه الاستبيانات. 

ولإجراء البحث الميداني تم جمع البيانات بالتعاون مع  فريق عمل ميداني من أبناء المناطق المستهدفة وتم الوصول إليه من خلال مؤسسات المجتمع المدني، حيث تم تدريب الفريق على الاستبيانات بمرافقة وإشراف الباحثة الرئيسية، بالإضافة إلى اعتماد مراجعة مباشرة لها لضمان الحصول على المعلومات كاملة.

وأثناء عملية البحث الميداني، تمَ عقد  (5) جلساتٍ نقاشية مع عاملاتٍ في القطاع الزراعي والصناعي ، بالإضافة إلى عمل (10) لقاءاتٍ فردية وشبة منظّمة مع الجهات ذات العلاقة من ممثلين وممثلات من المؤسسات العاملة في مجال حقوق العمّال كالنقابات المهنية ومنظمّات المجتمع المدني، حيث تمّ إعداد قائمةٍ إرشادية خصّيصاً لهذا الغرض.

 

وللوصول إلى عيّنة الدراسة في المجال الزراعي، ونظراً لعدم وجود بياناتٍ رسمية فقد استطعنا الوصول إلى عينةٍ ميسرة  تضمّ السيّدات العاملات في هذا القطاع من نفس المناطق المستهدفة، وتمّ توزيع (200) استبيان بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذه المناطق، وتم الحصول على استجابة لـ (159) استبيان .

أما في المجال الصناعي، فقد تمّ اختيار عيّنة طبقية عشوائية، وتمّ جمع (465) من العاملات في قطاع الصناعة وضمن قطاعي الحياكة والتصنيع الغذائي على وجه الخصوص.

ومن أجل التعرف على أنظمة الدعم المتاحة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، فقد تمّ إرسال الاستبيانات إلى (100) منظمّة من منظّمات المجتمع المدني التي تعمل مع النساء في مناطق الدراسة المستهدفة، واستجابت (50) منظّمة فقط.

وبمجرد إتمام عملية جمع المعلومات والبيانات، تم إجراء عملية تحليل وصفي للبيانات باستخدام البرنامج الاحصائي

(SPSS) للحصول على أفضل تصور للبيانات والوصول لأفضل النتائج  لتحقيق الأهداف المرجوة من الدراسة.

وأثناء إعداد الدراسة، تمت مواجهة العديد من التحدّيات أهمها الحصول على البيانات الكافية حول حالات العنف والتحرّش الجنسي، وذلك بسبب خوف العاملات من المشرفين والمشرفات وأيضا بسبب حساسية الموضوع، بالإضافة إلى رفض العديد من المصانع إدخال فريق الدراسة إلى أماكن العمل، وخوف بعض العاملات من تقديم أي معلومة خوفاً من تأثير ذلك على بقائها بعملها، مما اضطرّنا في بعض الأحيان وبالتعاون مع منسّقين من المجتمع المحلي إلى عقد لقاءاتً خارج مكان العمل في أيام العطل الرسمية. 

كانت أهم النتائج في المحور الزراعي أن  الغالبية العظمى من العاملات تتقاضي أجوراً أقل من الحد الأدنى للأجور، بالإضافة إلى اعتماد غالبية النساء العاملات في هذا القطاع على صندوق المعونة الوطنيّة للحصول على رواتبهن، نتيجة عدم كفاية الدخل الناتج من العمل الزراعي، كذلك تفتقر النساء العاملات في القطاع الزراعي إلى آليات الحماية الاجتماعية التي تضمن لهن الأمان والاستقرار في بيئة العمل، . كما أن بيئة العمل تفتقر إلى  توفر أدوات السلامة المهنية  العامة والإسعافات الأولية، بالإضافة إلى  ضعف ملاءمة ووسائل النقل من حيث القدرة الاستيعابية لها ومقدار الراحة المتوفرة بها. كما أظهرت الدراسة  أنه لا يوجدلدى العاملات عقود عمل تضمن لهن حقوقهن، ويتقاضين أجوراً تتراوح بين دينار ودينار وربع على الساعة، كما وتحصل معظم العاملات على أجورهن بشكل أسبوعي، ويواجهن في كثير من الأحيان  تأخيراً في تسلّم الأجور لربط الحصول على الأجور ببيع المحصول وتوفر السيولة الماليّة، وهذا يجعلهن يعِشن في قلقٍ دائم لحين بيع المحصول.كذلك أظهرت النتائج عدم الرضا عن بيئة العمل من قبل العاملات، لكن ظروفهن الاقتصادية والحاجة الماسة للمال أجبرتهم على الاستمرار في هذا العمل.  وأظهرت النتائج أن اكثر من النصف أي بنسبة تصل إلى (68%) من النساء قد تعرضن للإهانة والإذلال خلال عملهن، مما جعل نسبة كبيرة منهن دائمي التفكير في الانسحاب وترك العمل. كذلك أظهرت النتائج أن ثلث العاملات وبنسبة (38%) يتعرضن دائماً وأحياناً لعنف جنسي من قولٍ أو فعلٍ أو إيحاءاتٍ جنسية. وخلصت النتائج في المحور الزراعي إلى أن الاغلبية من النساء العاملات اللواتي يتعرضن للعنف لا يلجأن إلى الشرطة أو مؤسسات المجتمع المدني، بل يلجأن إلى الزميلات من الإناث لطلب النصيحة، والأغلبية يفضّلن الصمت خوفاً من خسارة عملهن.كذلك تبيّن عدم وجود أي برامج توعوية للعاملات  في مجال العنف أو التحرش  في بيئة العمل، بالرغم من وجود نسبة لا بأس منها من العنف  الجسدي واللفظي والإيماءات الجنسية داخل تلك المزارع، حيث كانت النسبة الأعلى هي للعنف اللفظي كالإهانة والتجريح والسخرية والحطّ من القيمة والقدر (الإذلال)، 

أما النتائج في المحور الصناعي فقد أظهرت تحسنّاً في بيئة العمل مقارنة بالدراسات السابقة، حيث أظهرت النتائج قيام العديد من المصانع بتوفير عياداتٍ طبيّة واستراحات ومرافق صحيّة مخصّصة للنساء وكذلك توفير المواصلات، بالإضافة إلى تقديم محاضرات التوعية، إلا أنه ما زال هناك نقصٌ في توفير أساسيات الحماية الاجتماعية  ا مثل التأمين الصحي؛ بالاضافة الى انخفاض الأجور، وفي الغالب هنالك ضعف في التطور الوظيفي للعاملات ،  وإلزامية العملالإضافي. وتجدر الاشارة أن العمل الإضافي يُنظم وفقًا لقانون العمل الأردني، ولا يوجد نص صريح في القانون يُلزم الموظفين بالعمل الإضافي، ولكن هناك ضوابط وشروط لهذا النوع من العمل.حيث يُحدد القانون عدد ساعات العمل اليومية والاسبوعية، بحيث لا تتجاوز ساعات العمل اليومية 8 ساعات أو 48 ساعة أسبوعياً، و يجب أن تكون هناك موافقة من الموظف أو الموظفة  للعمل الإضافي، ولا يُفرض عليهم العمل الإضافي دون موافقتم. يتم تعويض الموظفين والموظفات  عن ساعات العمل الإضافية بمعدل أعلى من الأجر العادي، بحيث يكون الأجر عن كل ساعة عمل إضافية 125% من الأجر الاعتيادي إذا كان العمل الإضافي خلال أيام العمل العادية، و150% إذا كان خلال أيام العطل والأعياد الرسمية.[1]

وكذلك بينت النتائج أنه وبالرغم من الجهود المبذولة لتحسين بيئة العمل ومخرجاتها الا انه مازال هنالك الكثير من المسارات التي يجب العمل عليها

 وأظهرت النتائج أهم أشكال العنف التي تتعرض لها العاملات حيث بلغت نسبة العنف اللفظي (40%) وبالأخص من قبل المشرفين والمشرفات ، ، تلاها  التحرش الجنسي عن طريق الإيماءات الجنسية وبنسبة (19%). 

أما بالنسبة للمؤسّسات العاملة مع النساء، فقد أظهرت النتائج أن معظم مؤسّسات المجتمع المدني التي تعمل مع النساء لا تزال تفتقر إلى التخصصية والشمولية في تقديم الخدمات الخاصة بالنساء في بيئة العمل، وهذا بحد ذاته   يؤثر سلباً على نوعية الخدمات المقدمة وضمان استمراريتها، إضافةً إلى ضعف التنسيق بين الجهات ذات العلاقة فيما يخص الشكاوي العمّالية، وعدم وجود  آلية واضحة لمتابعة العمل بين  الجهات ذات العلاقة. كذلك تبين أن غالبية المؤسساتالمؤسسات ليس لديها أي نوعِ من الخدمات المقدمة للنساء المعنّفات في بيئة العمل، حيث كان  دورهم يقتصر على برامج التوعية بشكل عام والتحويل الى المؤسسات ذات العلاقة. 

لقد كانت أهم التوصيات في القطاع  الزراعي التأكيد على عمل  زيارات تفتيشية على المناطق التي تعمل بها المزارعات للتحقق من تطبيق التشريعات، وتوفير الدعم الفني لأصحاب المزارع لمساعدتهم على التقيّد باشتراطات السلامة والصحة المهنية، وتوفير وسائط نقلٍ آمنة للعمال والعاملات، بالإضافة إلى تنظيم حملات كسب تأييد لتفعيل تطبيق  نظام رقم (19) لسنة 2021 (نظام عمًال الزراعة).

وفي القطاع الصناعي كان من أهم التوصيات لالتزام بالنصوص القانونية الواردة في قانون العمل حول العمل الاضافي ، وكذلك تفعيل لجنة الشكاوي  في المصانع وذلك لتعزيز ثقة العاملات بالإدارة، والاهتمام بإيجاد حلولِ للمشاكل التي يواجهنها كذلك أكّدت الدراسة على أهمية تفعيل دور النقابات المهنية ومفتّشي وزارة العمل في التعامل مع قضايا العنف وبجدّيةٍ أكبر لتعزيز ثقة العاملات ببيئة العمل، والحرص على إيجاد بيئة عملٍ لائقة ومسارِ عمل يمكّن المرأة من الوصول إلى حقوق متساوية مع ضمان حقِّ الوصول إلى العدالة .

أما بالنسبة  للتوصيات الخاصّة بمؤسّسات المجتمع المدني،  فقد أكدت الدراسة على أهمية العمل على تنسيق  الجهود بين المؤسسات ذات العلاقة والمعنية بعمل النساء من خلال إيجاد آلية عمل متكاملة وآلية رصد ومتابعة موحّدة ونظام أرشفة تضمن مجتمعة وصول العاملات إلى حقوقهن وتضمن متابعة سير الحالات، إضافة إلى أهمية العمل على توفير بياناتٍ يمكن الاعتماد عليها لرسم سياساتٍ وبرامج مستقبلية. كذلك التأكيد على أهمية  بناء قدرات المؤسسات لتقدّم خدماتٍ متخصصة ومتكاملة للنساء المعنّفات، مما يُسهم في تعزيز جودة الخدمات المقدّمة وضمان استمراريتها في المستقبل. كذلك أشارت الدراسة إلى أهمية عمل حملات كسب تأييد، وتسليطٍ للضوء وبشكل دوري، على الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات لإيجاد حلولٍ تضمن حصولهن على حقوقهن.


 


[1]https://www.replicon.com/regulation/jordan/

 

للاطلاع على الدراسة كاملة: 

دراسة العنف في مكان وبيئة العمل - اعداد رانيا السويطي - مشروع مسارات آمنة - الصندوق الأفريقي

أترك تعليقاًpen