تضامن: رفع نسب تمثيل النساء والشباب في الإدارة المحلية مسؤولية مجتمعية وتشريعية ملحّة

107

44.6% فجوة التمثيل في المجالس المحلية حسب دائرة الإحصاءات العامة منذ عام 2015 وبنسبة 43% عام 2022 فهل ستتناقص الانتخابات المقبلة؟

فرصة نوعية لربط الإصلاح التشريعي برؤية التحديث السياسي والتمثيل العادل

ارتفاع البطالة وضعف المشاركة الاقتصادية يضعان عوائق ملموسة أمام الترشح والمنافسة الانتخابية

دعم النساء والشباب يتطلب بيئة داعمة تتجاوز القرارات الفردية إلى منظومة تشاركية

تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني -تضامن- إلى أن البيانات الرسمية لنسبة تمثيل النساء في المجالس البلدية المحلية ما تزال تراوح مكانها منذ عقد من الزمن، إذ بلغت عام 2015 نسبة (27.8%) للإناث مقابل (72.2%) للذكور، بفجوة نوع وصلت إلى (44.6%)، بينما لم تتجاوز عام 2022 نسبة (28.5%) للنساء مقابل (71.5%) للذكور وبفجوة قدرها (43%). هذا الثبات النسبي يعكس بوضوح أن مشاركة النساء في مواقع صنع القرار المحلي لم تشهد تطورًا ملموسًا، وأن التحديات التي تواجههن ليست ظرفية أو فردية، إنما تحديات بنيوية ومجتمعية وتشريعية في آن واحد.

ويأتي هذا الواقع في لحظة سياسية مفصلية، إذ تعمل الحكومة الأردنية حاليًا ومنذ حل المجالس المنتخبة عام 2025 على التحضير لقانونَي الإدارة المحلية واللامركزية الجديدين" تمهيدًا لإحالتهما إلى مجلس الأمة، دون الإعلان عن ملامح التعديلات المقترحة، وهذا يفتح نافذة حقيقية لإحداث تغيير نوعي في بنية المشاركة السياسية المحلية، شريطة أن تكون الإصلاحات المرتقبة شاملة وعادلة، تعكس روح التحديث السياسي الذي تسعى إليه الدولة الأردنية، وتضمن تمثيلًا أوسع وأقوى للنساء والشباب في المجالس المنتخبة.

المشاركة السياسية ليست قرارًا فرديًا لكنها مسؤولية مجتمعية

وتنوه "تضامن" إلى أن مشاركة النساء والشباب في الحياة السياسية لا يمكن اختزالها في قرار فردي بالترشح، إذ أنها مسؤولية مجتمعية تتطلب بيئة داعمة وممكنة، فالمرأة التي تقرر خوض الانتخابات لا تواجه فقط متطلبات الحملة الانتخابية، لكنها تصطدم بعقبات اقتصادية واجتماعية تحدّ من فرصها في المنافسة، وكذلك الشباب، الذين غالبًا ما يجدون أنفسهم على هامش العملية السياسية، رغم امتلاكهم الطاقات والرغبة في الإسهام في صناعة القرار المحلي، علمًا بأن الخطاب الرسمي يدفع باتجاه تمكين الشباب للمشاركة في الحياة السياسية والعامة، ومن هنا، فإن تعزيز مشاركتهم يتطلب دعمًا مؤسسيًا ومجتمعيًا حقيقيًا، وليس تركهم وحدهم في معركة غير متكافئة.

البطالة وضعف المشاركة الاقتصادية يضعان عوائق ملموسة أمام الترشح والمنافسة الانتخابية

وتؤكد "تضامن" أنه لا يمكن النظر إلى المشاركة السياسية بمعزل عن الواقع الاقتصادي الصعب، حيث بلغ معدل البطالة في الأردن (21.3%) خلال الربع الأول من عام 2025. وبلغت بطالة الذكور (18.6%) مقابل (31.2%) لدى الإناث، وهي فجوة مقلقة تعكس اختلالًا واضحًا في فرص الوصول إلى سوق العمل. كما بلغ معدل المشاركة الاقتصادية الإجمالي (32.9%) فقط، موزعة بين (51.2%) للذكور و(14.5%) للإناث. هذه الأرقام لا تعكس فقط تفاوتًا في المشاركة الاقتصادية، إذ أنها تكشف عن أحد أهم العوامل التي تعيق النساء والشباب عن خوض غمار المشاركة السياسية، لا سيما في الانتخابات المحلية التي تتطلب قدرات مالية وتنظيمية تضمن الحد الأدنى من توفر الموارد المساندة لتشجيع الشباب والنساء للمشاركة في الحياة السياسية والمواقع المؤثرة، لكن يصعب توفرها في ظل معدلات بطالة مرتفعة ودخل محدود.

تعزيز فرص العمل والدخل عناصر حاسمة لتمكين النساء والشباب من دخول المجال السياسي

وتجدد "تضامن" التأكيد على أن هذه المعطيات تؤكد وجود تقاطعية مباشرة بين الوضع الاقتصادي للنساء والشباب وبين قدرتهم على الترشح والمنافسة الانتخابية، ففجوة الأجور بين الجنسين، وضعف شبكات الدعم المالي، وارتفاع كلفة الحملات الانتخابية، جميعها تحدّ من قدرة النساء والشباب على المشاركة السياسية الفاعلة، في ظل اختلالات واضحة بين المرشحين في حملاتهم الانتخابية.

وتبيّن "تضامن" أن النساء اللواتي يَرأسن أسرهنّ يتحملن مسؤوليات مضاعفة تجعل مشاركتهن السياسية أكثر صعوبة، وهو ما يستوجب تصميم برامج تمكين اقتصادي موازية للإصلاحات السياسية، بما يضمن أن يكون حق الترشح والمنافسة متاحًا للجميع على قدم المساواة.

ومن أجل كسر الحلقة المفرغة بين ضعف التمكين الاقتصادي وضعف التمثيل السياسي، لا بد أن يتضمن تعديل قانون الإدارة المحلية واللامركزية نصوصًا واضحة تضمن مشاركة فاعلة للنساء والشباب، ويشمل ذلك توسيع الكوتا النوعية، وإيجاد آليات تشجع على الترشح المستقل، وضمان عدالة التمويل الانتخابي، وإتاحة فرص حقيقية ومتوازنة للمشاركة في الحملات، إلى جانب مخصصات داعمة للفئات الشابة والنساء العاملات وغير العاملات على حد سواء.

تحقيق المشاركة العادلة يتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف ذات العلاقة

وتلفت "تضامن" النظر إلى أن تحميل النساء والشباب مسؤولية ضعف تمثيلهم في المجالس المنتخبة لا يعكس الواقع بدقة؛ فالخلل ليس في الإرادة الفردية، بل في غياب منظومة دعم متكاملة تضمن العدالة في الوصول والمنافسة، ومن هنا فإن أي إصلاح سياسي لا بد أن يقترن بإصلاحات اقتصادية وتشريعية ومجتمعية تعزز المشاركة السياسية للجميع، وتكسر الحواجز التي تعيقهم عن ممارسة أدوارهم في صياغة القرار المحلي.

كما وتؤكد "تضامن" أن رفع تمثيل النساء والشباب في المجالس المحلية المنتخبة ليس ترفًا سياسيًا، إنما استحقاق وطني يتصل بمسار التحديث السياسي والديمقراطي في الأردن، وحق من حقوق النساء والشباب، حيث إن الأرقام الواضحة حول تمثيل النساء ومعدلات البطالة والمشاركة الاقتصادية تؤكد أن الوقت قد حان لقرارات سياسية وتشريعية جريئة تعيد التوازن إلى المشهد المحلي.

إن أي تعديل لا يضمن مشاركة عادلة وواسعة للنساء والشباب، سيعيد إنتاج الفجوة نفسها التي استمرت لعقد من الزمن. لذلك، ندعو الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني للعمل معًا من أجل بناء نموذج محلي أكثر عدالة وتمثيلًا، يعزز التنمية ويقوي الثقة بين المواطن والدولة، مع التأكيد على أهمية الدور المحوري والحسّاس الذي تضطلع به الأحزاب السياسية في تحقيق مشاركة حقيقية وفاعلة ومؤثرة، تضمن العدالة والإنصاف للشباب والنساء على وجه الخصوص، وبما يُسهم في توحيد الجهود وتعزيزها لتكون قاعدة صلبة لأي عملية تغيير جوهرية وفاعلة وذات أثر وقيمة حقيقية.

يأتي هذا البيان في إطار مشروع صوّت لتفعيل دور المرأة والشباب في الحياة السياسية وبتنفيذ من جمعية معهد تضامن النساء الأردني وبتمويل من منظمة روتجرز الهولندية.

جمعية معهد تضامن النساء الأردني

زهور غرايبة- 20/10/2025

أترك تعليقاًpen