تضامن: الإعلام والعنف الانتخابي الرقمي عاملان حاسمان في الحد من المشاركة السياسية للنساء والشباب

107

ارتفاع قضايا الجرائم الإلكترونية في الأردن من 2,305 عام 2015 إلى 16,027 قضية عام 2022

22,759 عدد التهم في قضايا الجرائم الإلكترونية بين 2019 – 2023

​تؤكد الرؤية الملكية​ للإعلام على الارتقاء بالبعد المهني للعمل الإعلامي والعمل بمهنية عالية وتوضح دور ووظيفة وسائل الإعلام المختلفة

​مطلوب خطاب إعلامي منصف وتشريعات رادعة لحماية العملية الديمقراطية

تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” إلى أن الحديث عن الانتخابات المحلية المقبلة يتزامن مع تنامٍ مقلق لظاهرة الجرائم الإلكترونية، لا سيما في الفضاء الرقمي الذي يشكّل اليوم ساحة رئيسية للخطاب الانتخابي؛ إن هذا التوسع في استخدام المنصات الرقمية للتفاعل السياسي ترافق مع تصاعد لافت في العنف الرقمي، ما قد يشكّل عائقًا إضافيًا أمام النساء والشباب للترشح والمنافسة العادلة، ويؤثر على نزاهة العملية الديمقراطية وتمثيلهم في المجالس المحلية المنتخبة.

وتوضح “تضامن” أن وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية تلعبان دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام حول صورة النساء والشباب في المشهد السياسي. ففي كثير من الحالات، يتم التركيز على أدوار رمزية أو شخصية بدلاً من إبراز الكفاءة والقدرة السياسية، وهو ما يعزز صورة نمطية تقلّل من حضور النساء والشباب في المشهد الانتخابي؛ إذ أن أي صورة تأخذ مسبقًا تفتح بابًا واسعًا أمام حملات رقمية عدائية تستهدفهم بالتنمر والتشويه.

العنف الانتخابي الرقمي… حاجز غير مرئي أمام النساء والشباب

وتشير “تضامن” إلى أن المنصات الرقمية تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة انتخابية مركزية، لكنها في المقابل أصبحت بيئة خصبة للعنف الانتخابي الرقمي الذي يأخذ أشكالاً متعددة، منها التشويه والتنمر والتهديد والابتزاز والتلاعب بالصور والمقاطع، وتسريب المعلومات الشخصية بهدف الإساءة، فالنساء المرشحات يتعرضن لهذه الانتهاكات بشكل أكبر، بسبب تداخل أدوار النوع الاجتماعي مع متطلبات السياسة، ما يدفع بعضهن إلى الانسحاب أو الإحجام عن الترشح.

 

تصاعد الجرائم الإلكترونية يعكس اتساع بيئة العنف الرقمي

وتلفت “تضامن” إلى أن الأرقام الرسمية الصادرة عن المجلس القضائي الأردني تظهر تصاعدًا مقلقًا في الجرائم الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة. فقد بلغ عدد التهم المسجلة في قضايا الجرائم الإلكترونية بين عامي 2019 – 2023 نحو 22,957، فيما بلغ عدد المشتكى عليهم (بعد إزالة التكرار للشخص الواحد) 21,654 شخصًا.          
كما تؤكد بيانات وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام أن عدد هذه القضايا ارتفع بنحو ستة أضعاف خلال ثماني سنوات؛ من 2,305 قضايا عام 2015 إلى 16,027 قضية عام 2022، هذا الارتفاع اللافت يعكس اتساع بيئة العنف الرقمي واستغلال المساحة المخصصة للتعبير على منصات التواصل الاجتماعي في ارتكاب أفعال تمس الآخرين، بما فيهم النساء المرشحات والشباب الناشطين سياسيًا.

التأثير المتبادل بين الإعلام والعنف الرقمي يعمّق الفجوة السياسية

وترى “تضامن” أن العلاقة بين الإعلام والعنف الرقمي ليست منفصلة، بل مترابطة ومتكاملة، فحين يقدّم وسائل الإعلام صورة سلبية أو سطحية عن النساء والشباب، يفصح المجال لانتشار الخطاب العدائي في الفضاء الرقمي، وفي المقابل، تؤدي حملات العنف الرقمي المنظمة إلى تشويه إضافي في التغطية الإعلامية، ما ينعكس على توجهات الناخبين ويضعف فرص النساء والشباب في الترشح والفوز؛ حيث إن هذا التفاعل السلبي يتعدى الضرر بالأفراد فقط، بل يتعداه ليصل إلى حد الاضرار بالتعددية السياسية ويقوّض مبادئ المشاركة العادلة.

الحاجة إلى خطاب إعلامي منصف وتشريعات رادعة

وتؤكد “تضامن” أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب مقاربة مزدوجة، من جهة إصلاح الخطاب الإعلامي، وضمان تغطية عادلة ومتوازنة للنساء والشباب في الانتخابات المحلية، ومن جهة أخرى العمل على خلق بيئة تشريعية عادلة ورادعة، وتحد من الإفلات من العقاب، وذلك لمكافحة العنف الرقمي، بالإضافة إلى أهمية تطوير وتعزيز بناء القدرات المستمر للإعلاميين لإنتاج محتوى سياسي منصف وحساس للنوع الاجتماعي يواكب المأمول من مؤسسة الإعلام الهامة والحساسة والتي تعكس هموم الوطن والمواطن.

حيث تشير "تضامن" أن رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين للإعلام تقوم على بناء نظام إعلامي أردني يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وتتركز الرؤية الملكية على تشجيع التعددية واحترام الرأي والرأي الآخر وممارسة أداء إعلامي يقوم على المهنية والتميز والإبداع والحرية المسؤولة ودعم استقلالية مؤسسات الإعلام وإدارتها وتشجيع فرص الاستثمار في المجال الإعلامي.

كما ​تؤكد الرؤية الملكية على الارتقاء بالبعد المهني للعمل الإعلامي والعمل بمهنية عالية وتوضح دور ووظيفة وسائل الإعلام المختلفة.

وتنطلق "تضامن" من هذه الرؤية على أنه لا بد من تمكين النساء والشباب من أدوات الحماية الرقمية والدعم القانوني والنفسي خلال الحملات الانتخابية. 

وتشدد “تضامن” على أن أي عملية انتخابية حرة وعادلة تتطلب بيئة آمنة تضمن حماية النساء والشباب من العنف الرقمي والإعلامي، وإن انتشار العنف الانتخابي الرقمي يحدّ من فرصهم في الترشح والمنافسة، ويضعف حضورهم في المجالس المحلية المنتخبة، ويؤثر على ثقة الناخبين بالعملية السياسية برمّتها.

حماية النساء والشباب من العنف الإعلامي والرقمي مسؤولية وطنية

وتدعو “تضامن” إلى أن تكون مراجعة التشريعات الانتخابية والإعلامية المقبلة فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الإعلام والعملية الانتخابات على أساس العدالة والمساواة، وتوفير بيئة آمنة للنساء والشباب للمشاركة في الحياة السياسية دون خوف أو ترهيب. كما تؤكد أن تمكينهم من الترشح والمنافسة هو استحقاق ديمقراطي وشرط للتنمية المحلية، وليس مجرد مطلب فئوي.

إن أي إصلاح سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار البيئة الإعلامية والرقمية سيبقى ناقصًا، وسيعيد إنتاج الإقصاء بأشكال جديدة. ومن هنا، فإن وجود مؤسسة إعلامية مؤثرة ومنصات رقمية آمنة هو جزء أساسي منظومة المشاركة السياسية العادلة، وخطوة ضرورية لضمان تمثيل حقيقي للنساء والشباب في الانتخابات المحلية المقبلة.

يأتي هذا البيان في إطار مشروع صوّت لتفعيل دور المرأة والشباب في الحياة السياسية وبتنفيذ من جمعية معهد تضامن النساء الأردني وبتمويل من منظمة روتجرز الهولندية.

 

جمعية معهد تضامن النساء الأردني

زهور غرايبة

أترك تعليقاًpen