إحدى الفتيات تقول”صار ضغط حمل والرحم صغير وولدت بالشهر السابع… كان قلة تغذيه وزوجي كان يضربني وأخذت إبر تثبيت “
وتقول فتاة أخرى “ أجهضت لأن المولود كان ضعيف والحمل ضعيف “
وتقول فتاة ثالثة “أصبت بفقر دم وألم أسنان وإرتفاع ضغط وإنتفاخ جسم“
مرحلة المراهقة عملية تدريجية تعمل على الإقتراب من النضوج لكنها لا تمثل النضج بحد ذاته
العديد من المراهقات يعانين من أزمات متلاحقة كتزويجهن وذلك نتيجة للثقافة المجتمعية السائدة وبعض التشريعات الداعمة لها
عالمياً: حوالي 200 فتاة تموت يومياً بسبب الحمل المبكر
أظهرت ورقة بحثية استطلاعية أعدتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني بأن 53% من فتيات العينة اللاتي تزوجن وحملن قبل بلوغهن 18 عاماً واجهن مشاكل ومتاعب صحية أثناء الحمل، فيما لم تواجه 47% منهن هكذا مشاكل. علماً بأن 10% من فتيات كامل العينة لم يحملن حتى تاريخ أعداد الورقة.
وجاءت الورقة بعنوان “دور معايير منح الإذن بالزواج لمن هم أقل من 18 عاماً في الحد من تزويج القاصرات” بدعم من اللجنة الدولية للإغاثة. وشملت 266 فتاة من مختلف محافظات المملكة، نصفهن تقريباً أردنيات (49.6%) ونصفهن الآخر سوريات (50.4%)، وتراوحت أعمارهن ما بين 15-27 عاماً، وتزوجن جميعهن قبل بلوغهن 18 عاماً.
وتشير “تضامن” بأنه وبسؤال فتيات العينة اللاتي حملن وواجهن مشاكل ومتاعب صحية عن طبيهة هذه المشاكل، أفادت إحداهن “صار ضغط حمل والرحم صغير وولدت بالشهر السابع… كان قلة تغذيه وزوجي كان يضربني وأخذت إبر تثبيت“، وقالت أخرى “أصابني سكري وضغط حمل “، وأخرى ” أصبت بزلال وسكر حمل“، وأفادت رابعة “ أصبت بفقر دم وألم أسنان وإرتفاع ضغط وإنتفاخ جسم“، وتقول فتاة خامسة ” بمتاعب حمل عادية – فقر دم / نقص فيتامينات “، وأفادت سادسة “أجهضت لأن المولود كان ضعيف والحمل ضعيف“، وقالت فتاة سابعة “كثير تعبت صار عندي تشقق بالحمل وورم بالقدمين وبكتيريا حبل، ونزل الولد إلى الحوض بالشهر الثامن، وكنت بالعناية الصحية نايمة على ظهري ورافعة رجلي“.
وتضيف “تضامن” الى أن هنالك علاقة وثيقة وقوية ما بين تزويج الفتيات في مرحلة المراهقة وبين أغلب المشاكل التي يعانين منها، حيث يؤدي تزويج القاصرات الى إهدار حقهن في إستغلال إمكانياتهن وإتخاذ القرارات المتعلقة بهن وبخياراتهن، كما أن التزويج والحمل المبكرين يعرضهن لعقبات صحية كناسور الولادة والوفاة أثناء الولادة، الى جانب حرمانهن من التعليم أو مواصلته، ودخولهن بالتالي في دائرة الفقر والتهميش والحرمان والعنف.
تقول منظمة الصحة العالمية بأن 830 إمرأة تموت يومياً بسبب الحمل والولادة، على الرغم من تسجيل إنخفاض في وفيات الأمومة وصلت الى 44% ما بين عامي 1990 و 2015، حيث إنخفضت وفيات الأمومة من 532 ألف حالة وفاة عام 1990 الى 303 ألف حالة وفاة عام 2015.
هذا ويعرف علماء النفس مرحلة المراهقة بأنها عملية تدريجية تعمل على إقتراب الشخص (ذكراً أم أنثى) من النضوج الجسدي والفكري والنفسي والاجتماعي، إلا أنها لا تمثل النضج بحد ذاته والذي لا يكتمل إلا بعد مرور سنوات طويلة قد تمتد الى عشر سنوات. ويشار الى مرحلة البلوغ (وهو إكتمال الوظائف الجنسية) بإعتبارها جزءاً من مرحلة المراهقة لا أكثر.
وتؤكد “تضامن” على أن المراهقات بشكل خاص يواجهن صعوبات جمة، اجتماعية وثقافية، تعمل على الحد من طموحاتهن وخياراتهن، وتدخلهن في نفق مظلم ضيق. وتشير أرقام الأمم المتحدة الى أن نصف الإعتداءات الجنسية حول العالم ترتكب ضد فتيات تقل أعمارهن عن 15 عاماً، فيما يتم تزويج واحدة من بين كل ثلاث فتيات قبل بلوغها 18 عاماً في الدول النامية.
وفي الوقت الذي تمر فيه الكثير من المراهقات بمرحلة المراهقة دون أية مشاكل تذكر، نجد بأن العديد من المراهقات يعانين من أزمات متلاحقة كتزويجهن وذلك نتيجة للثقافة المجتمعية السائدة وبعض التشريعات الداعمة لها.
حوالي 200 فتاة تموت يومياً بسبب الحمل المبكر
يؤكد تقرير حالة سكان العالم لعام 2013 حدوث 20 ألف حالة ولادة يومياً لفتيات أقل من 18 عاماً في الدول النامية ويقل العدد كثيراً في الدول المتقدمة ، وهنالك 70 ألف حالة وفاة بين المراهقات بسبب مضاعفات الحمل والولادة ، وحوالي 3.2 مليون حالة إجهاض غير مأمونة بين المراهقات سنوياً ، كما أن 19% من الفتيات في البلدان النامية يصبحن حوامل قبل بلوغهن 18 عاماً. وتشكل هذه الأرقام تحديات عالمية يجب مواجهتها إضافة الى ضياع فرص الفتيات بالتعليم ، وإستمرار فقرهن وإستبعادهن وتهميشهن ، وإهدار لإمكانياتهن وقدراتهن ومساهماتهن في تنمية مجتمعاتهن ، وحرمان لهن من حقوقهن الأساسية.
ويرى التقرير بأن الأسباب الرئيسية الكامنة وراء ظاهرة حمل المراهقات وتحمل عبء الأمومة وهن بمرحلة الطفولة ، تعود الى زواج الأطفال (الزواج المبكر) ، وعدم المساواة بين الجنسين ، والفقر ، والعنف القائم على النوع الإجتماعي ، والسياسات الوطنية المقيدة لفرص الحصول على الثقافة الجنسية وموانع الحمل ، وعدم الحصول على خدمات الصحة الإنجابية ، وضعف الإستثمار في رأس المال البشري للفتيات.
إن 95% من حالات الولادة بين المراهقات تحدث في الدول النامية ، فمن بين 7.3 مليون حالة ولادة سنوياً في الدول النامية لفتيات أقل من 18 عاماً ، هنالك حوالي مليوني حالة ولادة لفتيات أقل من 15 عاماً. وفي الوطن العربي فإن النسبة المئوية للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (20-24 عاماً) وأبلغن عن الإنجاب قبل بلوغهن 15 عاماً وصلت الى 1% في حين وصلت النسبة للإبلاغ عن أول ولادة قبل 18 عاماً الى 10%. وتتعرض الفتيات لضغوطات على مختلف المستويات من أجل الحمل سواء أكان حملاً مرغوباً به أم لا ، وهذه الضغوطات تشكل وحدة واحدة في مواجهة الفتيات إبتداءاً من الضغوطات الفردية الى الأسرية ، ومن المدرسة / الأصدقاء الى الضغوطات المجتمعية ، ودون إعتبار لحاجاتهن وحقوقهن التي كفلتها الإتفاقيات الدولية كإتفاقية حقوق الطفل من حيث الحق في الصحة والتعليم ومنع العنف والتمييز ، لا بل الحق في الحياة خاصة وأن حوالي 200 فتاة تموت يومياً بسبب الحمل المبكر.
منير إدعيبس – المدير التنفيذي
جمعية معهد تضامن النساء الأردني26/9/2021