بتاريخ 12/5/2013 أصدرت منظمة المرأة العربية وجامعة الدول العربية وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة ، الإستراتيجية الإقليمية “حماية المرأة العربية : الأمن والسلام” ، وتضمنت أربعة أجزاء تعلقت بالإطار القانوني الإقليمي والدولي ، والأمن الإنساني وأمن النساء ، والنص الكامل للإستراتيجية من حيث المشاركة والوقاية والحماية بمراحلها الثلاث وهي مرحلة الأمن والإستقرار ومرحلة الطوارئ والنزاعات المسلحة ومرحلة ما بعد النزاعات المسلحة ، فيما خصص الجزء الرابع والأخير لكيفية إعداد خطة عمل عربية وآليات التعاون على المستوى العربي ومراحل تنفيذ محاور الإستراتيجية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أهمية وجود إستراتيجية عربية تعنى بالنساء في السلم والحرب ، إلا أنه وبعد الإطلاع والدراسة المعمقة للإستراتيجية والتي جاءت في (112) صفحة تبين بأنها أخفقت في مجالات عدة ، منها ما هو متعلق بالصياغة وتوحيد المصطلحات واللغة المراعية للنوع الإجتماعي ، وأخرى متعلقة بموضوع الشمولية ونطاق الحماية للنساء والفتيات في الدول العربية. كما وإستبعدت الدور الفعال والحيوي لتطبيق وتفعيل مفهوم العدالة الإنتقالية خاصة للنساء في مرحلة ما بعد النزاعات والصراعات علماً بأن دول عربية قطعت شوطاً هاماً في هذا الإطار.
كما وأغفلت الإستراتيجية حتى الإشارة الى الثورات العربية والتحولات الديمقراطية والإصلاحات السياسية التي طالت العديد من الدول العربية خلال الفترة القصيرة الماضية ووصول الحركات الإسلامية للحكم في بعضها ، وادوار النساء فيها التي نتج عنها في بعض الدول العربية إستبعاد لهن تهميشاً وإنتقاصاً وحرماناً ، وخسرن في حالات عديدة مكتسباتهن وتراجعت أوضاعهن بمختلف المجالات ، وإنتهكت حقوقهن وإعتدي عليهن جنسياً لأهداف سياسية ، وإستخدمن كآداة حرب من الأطراف المتنازعة.
وتؤكد “تضامن” بداية على حقيقة ومركزية وأهمية مجمل القضايا الخاصة بالنساء في دول عربية مختارة والتي تطرقت اليها الإستراتيجية بنوع من التفصيل ، وهي من الأمور التي لا خلاف على مدى تأثر النساء والفتيات بنتائج الصراعات والنزاعات والحروب عليهن فيها كفلسطين ولبنان والعراق والصومال والسودان والجولان المحتل ، وما ترتب على ذلك من إرتفاع في عدد الأسيرات في سجون الإحتلال الإسرائيلي واللاجئات خاصة في الدول المجاورة ، وتتطلب إستراتيجيات وخطط عمل محلية وعربية لمواجهتها والتصدي لها والحد من آثارها. على الرغم من أن الأرقام والإحصاءات والمرجعيات الواردة في معظمها تعود لسنوات ماضية قد لا تعكس الواقع الحالي الذي تجسده المعطيات الحديثة والواردة في العديد من التقارير والدراسات المحلية والعربية والدولية.
إن النساء والفتيات جديرات بالحماية والسلام والأمن سواء كن عربيات أو غير عربيات ما دمن يعشن في الدول العربية ، وتسمية الإستراتيجية بـ”حماية المرأة العربية” يستبعد وبشكل تلقائي النساء الكرديات والنساء الأمازيقيات والنساء الصحراويات وغيرهن من جهة ، كما ويستبعد النساء الأجنبيات العاملات في الدول العربية كالعاملات المنزليات أو المرافقات لأزواجهن واللاتي قد تطالهن الإنتهاكات الجسدية والجنسية تحديداً بسبب وجودهن في الدول العربية خاصة تلك التي تشهد النزاعات والحروب.
وتشير “تضامن” أيضاً الى تميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات ، فتاء التأنيث التي تسهل التفرقة في نوع الجنس شهدت عناية من الباحثين وأفردوا لها كتباً خاصة ، وهي من القضايا الشائكة التي تكثر فيها الأخطاء من قبل الكتَاب ، والنساء ما زلن محاصرات بأصالة التذكير على الرغم من التقدم الحضاري وإندماجهن في مختلف المجالات كالطب والتعليم ودخولهن سوق العمل ، حيث أجاز أعضاء مجمع اللغة العربية في القاهرة بدورته الرابعة والأربعون “أن يوصف المؤنث بالتذكير” فهي عضو أو مدير أو رئيس جلسة أو محاضر أو أستاذ مساعد أو نائب. إلا أن الباحث رشيد الإدريسي يرى “أن المذكر قد لا يكون دائماً قريناً للأصالة أو الفصاحة ، بل قد يأخذ مكانة التأنيث أحياناً ، معندما يبلغ أعلى درجات العلم يسمى تسمية الأنثى ، فيقال له (علاَمة) بدلاً من عالم”.
ولم تخرج نصوص الإستراتيجية من إطار الهيمنه الذكورية المتعلقة باللغة على الرغم من مطالبة الإستراتيجية ذاتها بضرورة مراعاة النوع الإجتماعي ، فقد وردت العديد من العبارات التي تؤكد على إفتقار لغة الإستراتيجية للخصوصية التي تجعل النساء يتكلمن بأصواتهن ، فنجدها تستخدم عبارة “الخبراء العرب المشاركون…” في الوقت الذي كان جميع المشاركين من النساء ، وكما وأستخدمت عبارات كـ “مدير…أستاذ…رئيس…وكيل…خبير”. ومن جهة أخرى أستخدمت عبارات قد تدل على عدم تماسك وترابط اللغة وتربك القارئ / القارئة ، فمثلاً وضمن بنود الإستراتيجية يشير إحداها الى “إشراك المرأة في كافة…” ومن ثم بعدها تم إستخدام “تثقيف النساء وتدريبهن…” وتارة أخرى جملة تراعى فيها حساسية اللغة للنوع الإجتماعي ، وجملة أخرى لا تراعى فيها ، لا بل أن السطر الواحد يشتمل على الحالتين معاً.
وتؤكد “تضامن” على أن البند الخاص بالوضع الراهن للنساء العربيات في البلدان العربية ذات الصلة بالنزاعات ، لم يتطرق نهائياً لأوضاع النساء في الدول التي شهدت ثورات عربية كتونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا ، أو تلك التي تمت فيها إصلاحات وتحولات ديمقراطية ولو بشكل متفاوت كالأردن والمغرب والبحرين والسعودية ، ولا إشارة الى معاناة النساء اللاجئات خاصة السوريات في دول الجوار كلبنان وتركيا والأردن.
وتضيف “تضامن” أن النساء في مصر مثلاً يتعرضن لهجمة ممنهجة ذات طابع سياسي تتمثل في التحرش بهن خاصة في الميادين العامة كميدان التحرير في القاهرة ، فقد كشفت جمعية “قوة ضد التحرش والإعتداء الجنسي” عن تعاملها مع (19) حالة إعتداء جنسي تم الإبلاغ عنها أثناء المشاركة في تظاهرات الذكرى الثانية للثورة في ميدان التحرير حيث تم استخدام أسلحة بيضاء وأدوات حادة خلال أعمال العنف الجنسي ، بهدف تحييد النساء عن الحياة السياسية في مصر.
وأشار المركز المصري لحقوق المرأة في تقريره المعنوان “(2012) عام الخروج الكبير للمرأة المصريه”، الى إحتلال مصر المركز الاول بتراجع الدول في مجال المشاركة السياسية حيث وصلت الى المركز (126) عام (2012). وإحتلت المرأة المصريه المركز (95) من بين (125) دوله من حيث الوصول للمناصب الوزارية مع توقع مزيد من التراجع لعام (2013) مع التعديلات الجديده التي خلت من تمثيل النساء ، والمركز الأخير من حيث تقلد النساء لمنصب المحافظ بواقع (صفر) ، كما “إحتلت المركز الاول في قائمة الدول التي سجلت تراجعاً في إتاحة الفرص الإقتصاديه للنساء، مقارنه بتقارير السنوات السابقه، حيث إحتلت مصر المركز (80) من بين (128) دوله، والمرتبه (124) من (132) من حيث الفرص والمشاركه الإقتصادية للنساء. أما عن نسبه النساء للرجال في قوه العمل فجاءت مصر في المرتبه (130) من بين (134) دوله، حيث وصلت نسبه البطاله بين النساء أربعه أضعاف الرجال، وفي وصول النساء للمناصب الحكوميه العليا والإدارة العليا تراجعت الى المرتبه (99) من بين (113) دوله”.
وتشير “تضامن” الى المادة (28) من مسودة الدستور التونسي بصيغته النهائية التي تنص على أَن الدولة تضمن دور المرأة باعتبارها “شريكة للرجل في بناء الوطن” ويتكامل دورها داخل الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل والقضاء على كل أشكال العنف ضد النساء ، حيث أدت هذه المادة الى خروج إحتجاجات صاخبة ضد الحزب الحاكم “حزب النهضة” لمحاولة الحد من حقوق النساء. إذ لم يكن الكثيرون من التونسيين والتونسيات يريدون التنازل عن مفهوم المساواة الفردية مقابل جعل دور النساء مرتبطًا بالرجال والأسرة والوطن.
أما في لبنان فقد عبرت النساء عن صدمتهن بعد قرار اللجنة الوزارية بعدم منح اللبنانية جنسيتها لأبنائها وتساءلت لينا أبو حبيب منسّقة حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” «هل نفهم من موقف الوزراء أنّ النساء لسن مواطنات لبنانيات؟ وأن المصالح السياسية والإنتخابية هي فوق كل إعتبار؟ هل يعني أن لبنان بلد لا يحترم المواثيق الدستورية أو الدولية؟». ويشار أيضاً الى الحملة المماثلة في الأردن منذ سنوات والتي تطالب بمنح الجنسية لأولاد الأردنية المتزوجة من أجنبي دون أن تحقق نتائج.
وفي سوريا فإن آلاف النساء تعرضن للتهديد والإعتقال والتعذيب النفسي والجسدي وحتى الإغتصاب والقتل لأنهن شكلن عنصراً فاعلاً في المظاهرات ، وتعاني اللاجئات السوريات في كل من تركيا ولبنان والأردن (وهن يشكلن النسبة الأكبر من اللاجئين) من تحديات عديدة ومن ظروف معيشية صعبة وأوضاع نفسية سيئة ، ويدفعن ثمناً باهظاً للأوضاع السياسية في بلدهن.
تعاني النساء في سوريا معاناة مضاعفة ، فهن ضحايا وأداة حرب في نفس الوقت ، حيث تعتبر حماية السكان المدنيين ومن بينهم النساء والأطفال خلال النزاعات المسلحة ذات أهمية بالغة وهم يشكلون الأغلبية الساحقة من الضحايا ، لذا فقد جدد مجلس الأمن الدولي في قرار صدر عنه قبل فترة قصيرة إلتزامه بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة ومواصلة التنفيذ التام لجميع قراراته ذات الصلة، والمتعلقة بالنساء والسلام والأمن والأطفال والنزاع المسلح وحفظ السلام. وشدد على أن الدول تتحمل المسئولية الرئيسية عن حماية المدنيين وإحترام حقوق الإنسان وكفالتها لجميع الأفراد رجالاً ونساءاً الواقعين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها ، وضرورة إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب على الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة حتى بداية شهر أذار / مارس الماضي الى أن عدد الضحايا للنزاع المسلح في سوريا إقترب من (70) ألفاً معظمهم من المدنيين خاصة النساء والأطفال ، وأكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي على ضرورة التحرك السريع حماية للمدنيين وأن التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية بات ضروري لتوجيه رسالة مفادها عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب.
وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية خلال شهر كانون ثاني / يناير الماضي على أن النساء في سوريا يستخدمن كأداة حرب من خلال إغتصابهن ، كما حذرت قبل شهرين الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات زينب بانغورا من الإنتشار الواسع للعنف الجنسي الذي دفع النساء للهروب الى الدول المجاورة كتركيا ولبنان والأردن إستناداً لمقابلات مع الضحايا / الناجيات ، كما ربطت ما بين العنف الجنسي والإتجار بالبشر والزواج القسري مع تأكيدها على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات.
وتضيف “تضامن” أن رئيس المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو جوتيريس، ذكر بأنه حتى نهاية شباط / فبراير الماضي تم تسجيل (936) ألف سوري لجأوا إلى دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وأن هذه الأعداد مذهلة لكن لا يمكنها أن تعكس الحجم الكامل للمأساة ، وأن ثلاثة أرباع اللاجئين هم من النساء والأطفال ، وكثيرون منهم فقدوا ذويهم ومعظمهم فقدوا كل شيء.
وفي مقابل الأرقام المرعبة عن عدد الضحايا واللاجئين / اللاجئات فإن النساء السوريات يعانين من أزمات نفسية وصحية قد تلازمهن طيلة حياتهن فكثير منهن يلدن قبل موعد الولادة بسبب العنف وفقر الدم ، وحينما تنفذ الإمدادات الغذائية أو تقل يعانين أشد المعاناة وعندما تتلوث مصادر المياه فإنهن يكن أقل الفئات مقاومة لمخاطر الأمراض ، ونتيجة المعاملة المهينة واللاأخلاقية والعنف الجنسي والتهديد به أثناء الإعتقال ستبقى أعداد الهاربات للخارج في تزايد مستمر.
وتشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الى أن (17) إمرأة قد توفيت بسبب التعذيب ، وأن ما يزيد عن (6400) إمرأة أخرى قيد الإعتقال أو الإختفاء القسري ، وأن آلاف حالات الإغتصاب والتحرش الجنسي تحدث داخل المعتقلات ، ووثّقت حالة معتقل وزوجته من حيّ الرمل الجنوبي في اللاذقية حيث تم إجبار بقية المعتقلين على إغتصاب الزوجة أمام زوجها.
وتنوه “تضامن” الى أن الشبكة رصدت (6) حالات قتلت فيها الفتاة المغتصَبة، من قبل الأب أو الأخ “للتخلّص من العار”، وفي حالتين أخريين قتل الوالد نفسه بعد قتل بناته وفي حالات متعددة هربت الفتاة من منزل الأسرة لمدينة أخرى أو خارج البلاد لتواجه مصيراً مجهولاً. وتعاني اللاجئات السوريات أيضاً من أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة ، فكن ولا زلن عرضة للتحرش الجنسي والزواج المبكر والإستغلال.
وفي ظل وصول العديد من الحركات الإسلامية الى سدة الحكم في بعض الدول العربية كمصر وتونس والذي لم تشر اليه الإستراتيجية ، فإن الأخذ بالدولة المدنية القائمة على أساس عقد إجتماعي جديد أساسه المواطنة والمساواة وإحترام حقوق الإنسان ، وهدفه تحقيق العدالة الإجتماعية والتنمية والديمقراطية ، وتأكيد مسؤولية الدولة عن حماية مواطنيها ذكوراً وإناثاً وغيرهم من الأشخاص المقيمين / المقيمات والزائرين الزائرات وتحصين الحقوق والحريات العامة والفردية ومنع الإعتداء عليها ، والأخذ بمبدأ أولوية الحق وحمايته في مواجهة مختلف أشكال التعصب والعنصرية والعنف والتطرف والمغالاة والإرهاب الفكري ومصادرة الرأي الآخر ، فلا بد من ضرورة كفالة الحق في الإعتقاد وممارسة الشعائر الدينية كحق أساسي من حقوق الإنسان ، وتحييد القيادات الدينية عن السياسة كشرط أساسي لصيانة الأديان وتحصينها والسمو بها من أن تصبح مجالاً للتنافس السياسي وصراعات المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة ، وتكون النساء فيها الأكثر تاثراً.
وتضيف “تضامن” بأن العدالة الإنتقالية للنساء غابت عن الإسترايجية بشكل شبه كامل على الرغم من وجود تقدم في بعض الدول العربية في هذا الخصوص ، كوزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية في تونس ويجري حالياً الإعداد لقانون العدالة الإنتقالية في ليبيا . ومفهوم العدالة الإنتقالية لا يعني بأي حال من الأحوال على أنه شكل من أشكال العدالة بمفهومها الواسع ، ولكنها هي العدالة بحد ذاتها لكنها تتوائم وتتناسب وقد تتباين فيما بين الدول التي تشهد تحولات ديمقراطية سواء أكانت هذه التحولات ناتجة عن ثورات على أنظمة الحكم المستبدة أو نتيجة إصلاحات تقوم بها الأنظمة على مدى سنوات أو حتى عقود.
وتشير “تضامن” الى خمس ركائز أساسية للعدالة الإنتقالية ، أولها الدعاوى القضائية التي تقام على أشخاص مسؤولين عن إنتهاكات توصف بالجسيمة لحقوق الإنسان، وثانيها الإصلاحات في الأجهزة الأمنية المختلفة وأجهزة الدولة المختلفة ذات العلاقة لتكون حامية ومظلة لحقوق الإنسان وتتمتع بالمصاقية والشفافية بدلاً من إستخدامها أساليب القمع والتنكيل وبؤر للفساد، وثالثها لجان تقصي الحقائق أو ما يعرف بلجان الحقيقة للكشف ورصد ومحاسبة المسؤولين عن إنتهاكات حقوق الإنسان، ورابعها التعويض وجبر الضرر الذي لحق بالضحايا / الناجين والناجيات من الإنتهاكات من خلال التعويض المادي والمعنوي بل والإعتذار الرسمي من قبل الدولة. وخامسها تخليد ذكرى إنتهاكات حقوق الإنسان من خلال النصب التذكارية والإحتفالات التي تشير اليها كجرائم يجب عدم تكرارها بإعتبار أنها نتيجة إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
وتضيف “تضامن” بأنه ولغاية تاريخة تم إستحداث (40) لجنة حقيقة رسمية في جميع دول العالم وعدد من لجان الحقيقة المبتكرة من قبل مؤسسات المجتمع المدني ، ونظراً لأهميتها فقد أشار المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار الى أنه : “عادةً ما يُحرَم ضحايا الفظائع الشنيعة، مثل الإبادة الجماعية أو التعذيب المنهجي أو الإخفاء القسري أو القمع من قبل الدولة، من الحق بمعرفة الحقيقة بشأن ما حدث لهم ولأحبائهم ولبلدهم. إن الكشف عن الحقيقة هو تأكيد لمكانة الضحايا بوصفهم أصحابَ حقوقٍ وأعضاءَ في المجتمع.”
إن الإعتداءات الجنسية على النساء كالإغتصاب والتحرشات أثناء النزاعات وفي المجتمعات الإنتقالية تشكل أشد الإنتهاكات إيلاماً من الناحيتين الجسدية والنفسية ، وتعرض النساء و / أو أحد أفرد أسرهن أو أكثر الى التعذيب والإختفاء القسري والقتل ، تشكل جميعها جرائم تتطلب الكشف السريع عن سبب إرتكابها والظروف التي أدت الى إرتكابها ومعاقبة الفاعلين لضمان عدم تكرار هذه الإنتهاكات مستقبلاً.
فمن حق الضحايا / الناجيات من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الحصول على تعويض فعال ، ويشمل ذلك حقهن في معرفة الحقيقة حول الإنتهاكات التي عانين منها والأسباب التي أدت الى إرتكابها ومعرفة مصير ومكان وجود المختفيات والمختفين قسراً والتعرف على مرتكبي الإنتهاكات. كما أن المعرفة الدقيقة للإنتهاكات قد تمنع تكرارها ، ويمكنها شفاء آلام النساء بعد تلك الإنتهاكات ، وقد يستعدن كرامتهن الشخصية ، وحمايتهن من سياسة الإفلات من العقاب والإنكار.
وتشير “تضامن” الى عدم إبراز الإستراتيجية لدور الإعلام ، حيث أن النهج الإيجابي الذي تتبعه بعض وسائل الإعلام لا يقع ضمن سياسات وإستراتيجيات إعلامية واضحة المعالم والأهداف تعمل لصالح النساء ، وإنما في سياق تغطية “المناسبة” التي سرعان ما تفقد زخمها بعد إنتهائها. فالحاجة والحال كذلك الى إتباع إستراتيجية إعلامية تعمل على تغيير الصورة النمطية للنساء ، وإبراز دورهن وأهميته في صياغة مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن خاصة في ظل الثورات العربية والإصلاحات السياسية والتحولات الديمقراطية.
وتشدد “تضامن” على سؤال قد يتبادر الى ذهن كل من تسنح له / لها فرصة الإطلاع على الإستراتيجية وهو “هل تلبي الإستراتيجية تطلعات النساء في الدول العربية في ظل التحديات الراهنة؟” ، خصوصاً وأن رؤية الإستراتيجية تنص على “ضمان حق المرأة العربية في الحماية من كافة أشكال العنف القائم على النوع الإجتماعي في أوقات الحرب والسلام وحصولها على حقوقها كاملة دون تمييز ، وتعزيز دورها في مجتمع تسوده العدالة والمساواة.”
جمعية معهد تضامن النساء الأردني
21/5/2013